‫"ماذا بعد األزمة؟"‬ ‫روبرت ب‪ .‬زوليك‬ ‫رئيس‬ ‫مجموعة البنك الدولي‬ ‫كلية بول نيتزه للدراسات الدولية المتقدّمة (‪)SAIS‬‬ ‫بجامعة جونز هوبكنز‬ ‫‪ 28‬سبتمبر‪/‬أيلول ‪2009‬‬ ‫تؤدي االضطرابات الكبيرة إلى إحداث موجات من الصدمات التي توسّع التصدعات Ù?ÙŠ األنظمة السياسية واالقتصادية واألمنية‪ .‬وÙ?ÙŠ بعض األحيان‪ ،‬ال تستطيع‬ ‫األنظمة القديمة أن تصمد وسرعان ما تتهاوى أمام تالحقها‪ .‬لكن قد يكون Ù?ÙŠ مقدور القادة والشعوب تحديد شكل اتجاهات التغيير الناشئ عنها‪.‬‬ ‫يÙ?ترض كثيرون اليوم أن إدموند بورك Ù€ عندما ألّÙ? كتابه "تأمالت عن الثورة الÙ?رنسية" Ù€ كان يندد بثورة أقدمت بالÙ?عل على إعدام ملك وملكة‪ ،‬وعلى إطالق العنان‬ ‫لحقبة من اإلرهاب والرعب‪ .‬لكن تاريخ إصدار كتابه كان Ù?ÙŠ عام ‪ ØŒ1790‬أي قبل أن تمتلئ شوارع باريس المعبدة بالحجارة بضجيج أصوات عربات نقل المسجونين‬ ‫المحكوم عليهم باإلعدام وهدير الجموع المحتشدة عند المقصلة‪.‬‬ ‫لقد شهد عام ‪ 1789‬أحد أكبر االضطرابات Ù?ÙŠ التاريخ‪ .‬وعلى الرغم من أن بورك أطلق Ù?ÙŠ كتابه تحذيرات واعية‪ ،‬Ù?إن معظم معاصريه توقعوا أن تسير Ù?رنسا Ù?ي‬ ‫"الدرب الذي سلكته إنجلترا" نحو الديمقراطية الدستورية‪.‬‬ ‫ال شك أن تأثيرات األحداث العظام يمكن أن تتردد أصداؤها عبر الزمن‪ .‬وحين Ù?‬ ‫سئل رئيس الوزراء الصيني‪ ،‬زو إنالي‪ ،‬بعد مرور أكثر من قرن من الزمن حول رأيه‬ ‫عن تأثير الثورة الÙ?رنسية‪ ،‬أجاب بقوله "إن الوقت مازال مبكراً لإلجابة على هذا السؤال"‪.‬‬ ‫ويصادÙ? هذا العام مرور عشرين عاما Ù‹ على اندالع الثورة السلمية التي شهدها عام ‪ ØŒ1989‬حيث وضعت االضطرابات التي اجتاحت أنحاء أوروبا Ù?ÙŠ ذاك العام‪،‬‬ ‫والتي تختلÙ? عن عام ‪ ØŒ 1789‬نهاية للحرب الباردة‪ ،‬وأدت إلى سقوط حائط برلين‪ ،‬وتحرير بلدان أوروبا الوسطى والشرقية‪ ،‬وتوحيد شطري ألمانيا Ù?ÙŠ دولة‬ ‫ديمقراطية‪ ،‬وإعادة توحيد أوروبا‪ ،‬وانهيار االتحاد السوÙ?يتي‪ ،‬وعودة روسيا‪ .‬وواقع األمر أن هذه األحداث الجسام‪ ،‬بالنسبة للكثيرين‪ ،‬بدت وكأنها "نهاية للتاريخ" على‬ ‫حد وصÙ? صديقي وأستاذكم البروÙ?سور Ù?رانك Ù?وكوياما Ù?ÙŠ جملته الشهيرة‪ .‬لكن سرد األحداث والوقائع Ù?ÙŠ أوروبا انتقل إلى Ù?صول جديدة مع اتساع ما أصبح ÙŠÙ?عرÙ?‬ ‫وتوسّّ ع حلÙ? شمال األطلسي (الناتو)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫باالتحاد األوروبي‪ ،‬وإصدار عملة مشتركة‪،‬‬ ‫كزة على أوروبا Ù?ÙŠ تلك الحقبة‪ ،‬كانت هناك أحداث تسطر تاريخا Ù‹ جديداً Ù?ÙŠ مختلÙ? أنحاء العالم‪ :‬Ù?اتÙ?اقية التجارة الحرة لدول أمريكا‬ ‫وبينما كانت معظم األنظار مر ّ‬ ‫الشمالية (ناÙ?تا) أحدثت تغييرات جذرية Ù?ÙŠ توجهات المكسيك‪ ،‬بما Ù?ÙŠ ذلك توجهها نحو الديمقراطية واحتماالت تعميق تكاملها واندماجها Ù?ÙŠ أمريكا الشمالية؛ وتشير‬ ‫رابطة التعاون االقتصادي آلسيا والمحيط الهادئ (آسيان) ضمنا Ù‹ إلى بروز "نزعة إقليمية جديدة منÙ?تحة" يمكنها الربط بين منطقة شرق آسيا اآلخذة Ù?ÙŠ الصعود من جهة‬ ‫واألمريكتين اللتين تقعان على الشاطئ اآلخر من المحيط الهادئ من جهة أخرى؛ وبناء تحالÙ? يستند إلى قرارات األمم المتحدة التي تدعو إلى إزالة آثار العدوان‬ ‫ال عراقي الغاشم الذي تعرضت له دولة الكويت‪ ،‬مما أدى إلى Ù?تح الباب أمام عقد مؤتمر مدريد للسالم الذي أطلق المÙ?اوضات بين إسرائيل والدول العربية‪ .‬وبذور التغيير‬ ‫تلك غرسها قادة يستشرÙ?ون Ø¢Ù?اق المستقبل رأوا هذه الÙ?رص وسط تحوالت زلزالية واتجاهات متغيرة‪.‬‬ ‫وقد عززت تجربت ÙŠ Ù€ منذ ذلك الحين Ù€ إحساسي بأن األحداث تقع على شكل متوالية‪ .‬وكما قال بورك‪" ،‬هناك عالقة شراكة ليس بين األحياء Ù?حسب‪ ،‬ولكن بين األحياء‬ ‫واألموات والذين سيÙ?ولدون أيضاً"‪.‬‬ ‫والنتائج هنا ليست محددة سلÙ?اً‪ ،‬بل إنها تعتمد على األحداث واإلجراءات الهادÙ?Ø© على حدّ سواء‪.‬‬ ‫وÙ?ÙŠ عام ‪ ØŒ 2009‬Ù?إننا نمر بموجة جديدة من االضطرابات التي أطلقت يد التغيير Ù?ÙŠ العالم ثانية‪ .‬Ù?ما هي تداعياتها بالنسبة للمستقبل؟‬ ‫علما Ù‹ بأن االضطرابات التي نشهدها اليوم لم تأت من Ù?راغ‪ ،‬بل إن بذورها قد غرست Ù?ÙŠ وقت سابق‪.‬‬ ‫لقد شهدت العشرون عاما Ù‹ األخيرة تحوالت اقتصادية هائلة‪ ،‬حيث أسهم انهيار االقتصادات المخططة مركزيا Ù‹ Ù?ÙŠ االتحاد السوÙ?يتي وأوروبا الوسطى والشرقية‪،‬‬ ‫واإلصالحات االقتصادية Ù?ÙŠ الصين والهند‪ ،‬وإستراتيجيات النمو القائم على التصدير Ù?ÙŠ شرق آسيا Ù?ÙŠ ظهور اقتصاد سوق عالمي اتسع حجمه من مليار شخص إلى ما‬ ‫كل Ù?ÙŠ منتصÙ? القرن العشرين ولم يشهد سوى بعض‬ ‫بين ‪ 4‬أو ‪ 5‬مليارات‪ .‬وهذه التحوالت أتاحت Ù?رصا Ù‹ هائلة‪ .‬لكنها أدت أيضا Ù‹ إلى زعزعة نظام اقتصادي عالمي تش ّ‬ ‫اإلصالحات المحدودة منذ ذلك التاريخ‪.‬‬ ‫وتعود بعض مشاكلنا اليوم إلى اإلجراءات التي تم اتخاذها Ù€ Ù€ أو التي لم يتم اتخاذها Ù€ Ù€ Ù?ÙŠ مواجهة األزمات المالية Ù?ÙŠ أواخر التسعينيات من القرن العشرين‪ .‬Ù?بعد‬ ‫األزمة المالية اآلسيوية‪ ،‬عقدت البلدان النامية العزم على عدم االنكشاÙ? ثانية أمام عواصÙ? العولمة‪ .‬وقام الكثير منها بتأمين أنÙ?سها من خالل إدارة أسعار الصرÙ?‬ ‫وتكوين احتياطيات ضخمة بالعملة األجنبية‪ .‬وساهمت بعض تلك التغيرات Ù?ÙŠ خلق اختالالت وتوترات Ù?ÙŠ االقتصاد العالمي‪ ،‬بيد أن الحكومات وجدت مخرجا Ù‹ من هذا‬ ‫المأزق لسنوات وسط مناخ عام من النمو الجيد‪.‬‬ ‫ولم تعالج البنوك المركزية المخاطر المتراكمة Ù?ÙŠ االقتصاد الجديد‪ .‬ورغم نجاحها‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬Ù?ÙŠ السيطرة على تضخم أسعار المنتجات Ù?ÙŠ الثمانينيات‪ ،‬Ù?قد ارتأى‬ ‫معظمها أن من الصعوبة أن يمكنها تحديد معالم Ù?قاعات أسعار األصول وكبح جماحها من خالل استخدام السياسات النقدية‪ .‬وعللت ذلك بقولها إنها تستطيع احتواء‬ ‫األضرار والتداعيات الناجمة عن انÙ?جار هذه الÙ?قاعات على "االقتصاد الحقيقي" المتعلق بÙ?رص العمل واإلنتاج واالدخار واالستهالك‪ ،‬من خالل تخÙ?يضات قوية ألسعار‬ ‫الÙ?ائدة‪ .‬لكن اتضح أنها كانت على خطأ‪.‬‬ ‫Ù?األجهزة التنظيمية والرقابية للمؤسسات المالية لم تكن تنطلق من الواقع‪ .‬إذ أدت االبتكارات المالية والمناÙ?سة إلى توسّع هائل Ù?ÙŠ الخدمات Ù€ بما Ù?ÙŠ ذلك الخدمات‬ ‫المقدمة إلى الشركات واألسر التي كانت Ù?ÙŠ الغالب بمنأى عن تأثيرها Ù?ÙŠ الماضي Ù€ لكن التصميم البسيط والجذاب لنظرية "عقالنية السوق" أغرى األجهزة التنظيمية‬ ‫بعدم مراعاة واقع سيكولوجية األسواق‪ ،‬والسلوك التنظيمي‪ ،‬ومخاطر األنظمة‪ ،‬وتعقيدات األسواق والطبيعة البشرية‪.‬‬ ‫وكما هو الحال Ù?ÙŠ الماضي‪ ،‬Ù?إن اإلجراءات التي نتخذها اليوم تحدد شكل الÙ?رص والتحديات التي نواجهها Ù?ÙŠ المستقبل‪.‬‬ ‫علينا إذن أن نتعلم من دروس الماضي Ù€ دون أن تشكل هذه الدروس قيداً علينا‪ .‬Ù?نحن نستعد Ù?ÙŠ أحيان كثيرة لمواجهة أزمات الماضي بدالً من توقع أزمات المستقبل‪.‬‬ ‫ولعل األمر الوحيد الذي نعرÙ?Ù‡ على وجه اليقين هو أن ثمة اضطرابات أخرى ستقع Ù?ÙŠ حياتنا‪ ،‬وأنها ستختلÙ? عن تلك التي نشهدها حالياً‪.‬‬ ‫وأمامكم جميعا Ù‹ Ù?رصة جيدة Ù?ÙŠ كلية بول نيتزه للدراسات الدولية المتقدّمة لالستعداد للمساهمة Ù?ÙŠ هذا الدرب‪ ،‬وآمل أن تختاروا القيام بذلك‪ .‬ولعلكم تتسألون Ù?ÙŠ سياق‬ ‫دراسة الجهود السابقة‪ :‬كيÙ? ستغير هذه األزمة العالم؟‬ ‫Ù?ÙŠ عام ‪ ØŒ 1944‬اغتنم مندوبو البلدان المجتمعة Ù?ÙŠ بريتون وودز الÙ?رصة لتحديد شكل الترتيبات العالمية الجديدة‪ ،‬وأمضوا ثالثة أسابيع Ù?ÙŠ نيوهامبشير لوضع نظام‬ ‫القواعد وال مؤسسات واإلجراءات الخاصة بالعالقات المالية والتجارية Ù?ÙŠ االقتصاد العالمي‪.‬‬ ‫التحوالت التي شهدها عام ‪ .1989‬حيث تؤدي االضطرابات الحالية‬ ‫ّ‬ ‫لكن هذا العالم طرأت عليه تغيرات هائلة على مدى السنوات الخمس والستين الماضية Ù€ ليس أقلها‬ ‫إلى تغيير صورة العالم مرة أخرى‪.‬‬ ‫و بالÙ?عل‪ ،‬يمكننا أن نرى التحوالت المحتملة Ù?ÙŠ النÙ?وذ والمؤسسات والتعاون الدولي‪ .‬وهذه التحوالت ستعتمد بصورة جزئية على كل مما يلي‪ :‬كيÙ?ية تكيÙ? األطراÙ?‬ ‫المعنية مع الظروÙ? الجديدة؛ وسرعة تعاÙ?ÙŠ االقتصاد العالمي؛ والتغيرات التي تطرأ على من يحتÙ?ظ برؤوس األموال والتكنولوجيا والموارد البشرية Ù?ÙŠ العالم‪ ،‬وكيÙ?ية‬ ‫استخدامها؛ ومدى تعاون البلدان Ù?يما بينها Ù€ أو عدم تعاونها‪.‬‬ ‫Ù?ما هي تصورات القوة وواقعها بعد انتهاء هذه األزمة؟‬ ‫يسود حاليا Ù‹ اÙ?تراض Ù…Ù?اده أن االقتصاد السياسي بعد انتهاء األزمة سيعكس النÙ?وذ المتنامي للصين‪ ،‬وربما للهند‪ ،‬باإلضاÙ?Ø© إلى بعض االقتصادات الكبيرة الصاعدة‬ ‫األخرى‪ .‬وربما تشهد الواليات المتحدة‪ ،‬وهي مركز األزمة المالية‪ ،‬تراجعا Ù‹ Ù?ÙŠ سطوتها ونÙ?وذها االقتصاديين‪.‬‬ ‫وثمة أسباب وجيهة لهذا التصور‪ .‬Ù?استجابة الصين لألزمة كانت قوية‪ ،‬من حيث حزمة المحÙ?زات والسياسات النقدية التي لجأت إليها‪ ،‬ويبدو أن لديها موارد مالية‬ ‫ضخمة تدعم تحركاتها األولى‪ .‬وقد حققت الصين انتعاشا Ù‹ اقتصاديا Ù‹ سريعا Ù‹ من األزمة‪ ،‬األمر الذي ساعد بدوره البلدان األخرى‪ ،‬مما يؤكد على تنامي Ù†Ù?وذها‪.‬‬ ‫وواقع األمر أن الصين تعمل اليوم كقوة استقرار Ù?ÙŠ االقتصاد العالمي‪ .‬وتشكل الصين والهند معا Ù‹ ما نسبته ‪ 8.5‬Ù?ÙŠ المائة من الناتج العالمي‪ ،‬ويشهدان حالياً‪ ،‬باإلضاÙ?ة‬ ‫إلى بلدان نامية أخرى‪ ،‬تحقيق معدالت نمو أسرع بدرجة كبيرة من مثيالتها Ù?ÙŠ البلدان المتقدمة‪.‬‬ ‫لكن‪ ...‬مستقبل الصين لم يتم تحديده بعد‪ .‬Ù?االنتعاش السريع الذي شهدته Ù?ÙŠ عام ‪ 2009‬كان مدÙ?وعا Ù‹ بتوسع Ù?ÙŠ منح االئتمان بنسبة ‪ 26‬Ù?ÙŠ المائة من إجمالي الناتج‬ ‫المحلي Ù?ÙŠ األشهر الثمانية األولى من العام‪ .‬وقد بدأت حدة هذا الطوÙ?ان االئتماني تخÙ? بعض الشيء حالياً‪ ،‬ومن المرجح أن تواصل السلطات الصينية الحد منه خوÙ?ا ً‬ ‫من تأثيره على أسعار األصول ونوعيتها‪ ،‬وÙ?ÙŠ نهاية المطاÙ? على معدل التضخم العام‪ .‬ومازالت الصين تواجه احتماالت مجهولة كبيرة Ù?ÙŠ عام ‪.2010‬‬ ‫ويدرك قادة الصين هذه المخاطر‪ ،‬بما Ù?ÙŠ ذلك استمرار اعتماد الص ين وغيرها من االقتصادات الصاعدة على النمو الذي تقوده الصادرات‪ .‬ولن يكون باألمر السهل على‬ ‫الصين أن تتحول إلى زيادة االعتماد على الطلب المحلي‪ ،‬والسيما إلى زيادة االستهالك الذي يمكن أن يساعد Ù?ÙŠ تحقيق التوازن Ù?ÙŠ النمو العالمي‪ ،‬بينما يساهم Ù?ي‬ ‫تحقيق هدÙ? الصين المتمثل Ù?ÙŠ إقامة "مجتمع أكثر تجانساً"‪ .‬لكن قطاع الخدمات الذي يحظى بالحماية Ù?ÙŠ الصين‪ ،‬بما Ù?ÙŠ ذلك الخدمات المالية‪ ،‬يحد من الÙ?رص المتاحة‬ ‫أمام أصحاب المشاريع ومنشآت األعمال‪ ،‬ويقيد أية زيادات Ù?ÙŠ اإلنتاجية‪.‬‬ ‫والواليات المتحدة بدورها تضررت تضررا Ù‹ بالغا Ù‹ من جراء األ زمة‪ .‬لكنها تتمتع بثقاÙ?Ø© قوامها المرونة Ù?ÙŠ مواجهة النكسات‪ ،‬وسرعان ما ستتكيÙ? مع الظروÙ? الجديدة‬ ‫وتعيد تشكيل Ù†Ù?سها‪.‬‬ ‫ويعتمد المستقبل بالنسبة للواليات المتحدة على إمكانية وكيÙ?ية معالجتها للعجوزات الكبيرة Ù?ÙŠ ميزانيتها‪ ،‬واستعادة عاÙ?يتها االقتصادية دون ارتÙ?اع التضخم الذي يمكن أن‬ ‫يؤثر سلبا Ù‹ على وضعها االئتماني وعملتها‪ ،‬وإصالح نظامها المالي للحÙ?اظ على روح االبتكار‪ ،‬مع تعزيز عنصري األمن والسالمة‪ .‬كما يتعين على الواليات المتحدة‬ ‫مساعدة مواطنيها على التكيÙ? مع التغير‪ ،‬حتى يمكنها االحتÙ?اظ بأعظم بطاقة رابحة لديها‪ :‬االنÙ?تاح على التجارة‪ ،‬واالستثمار‪ ،‬والموارد البشرية‪ ،‬واألÙ?كار‪ .‬وسيقوم‬ ‫خبراء الجغراÙ?يا السياسية برصد وتتبع أية عالمات تدل على أن المشاكل االقتصادية التي تواجهها أمريكا تؤدي إلى إضعاÙ? الثقة بالواليات المتحدة وقوتها ومواردها‬ ‫لتحقيق مصالحها Ù?ÙŠ العالم من خالل تعاونها مع اآلخرين‪.‬‬ ‫واليابان هي أول قوة صناعية كبرى شهدت اضطرابا Ù‹ سياسيا Ù‹ كبيراً Ù?ÙŠ أعقاب هذه األزمة‪ .‬Ù?انتخاب الحزب الديمقراطي الياباني يمكن أن يخلق ديمقراطية قابلة‬ ‫لالستمرار تقوم على حزبين ألول مرة Ù?ÙŠ تاريخها‪.‬‬ ‫نهضت اليابان من ركام الحرب العالمية الثانية "كدولة تجارية"‪ ،‬وأصبحت نموذجا Ù‹ للنمو الذي تقوده الصادرات‪ .‬ومن غير الواضح ما إذا كان نموذج النمو القديم الذي‬ ‫تقوده الصادرات قابالً لالستمرار Ù?ÙŠ اقتصاد عالمي أكثر "توازناً" ال يشكل المستهلك األمريكي مركزه الرئيسي‪ .‬Ù?اليابان التي ترتÙ?ع Ù?يها نسبة المسنين من السكان‬ ‫ستكون لديها احتياجات استهالكية جديدة‪ .‬ومن شأن اقتصاد عالمي يضم عدداً أكبر من أقطاب النمو أن يتيح لليابان أسواقا Ù‹ جديدة‪ ،‬وخاصة بالنسبة لقدراتها الباهرة‬ ‫الستخدام الطاقة بكÙ?اءة‪.‬‬ ‫وسيولي العالم اهتماما Ù‹ كبيراً بشكل السياسة الخارجية اليابانية التي يمكن مواصلتها بين ا لحزبين‪ ،‬والتي يمكنها أن تضطلع بمسؤوليات جديدة‪ .‬ويمكن لسياسة خارجية‬ ‫كهذه أن تبني على خبرات اليابان وتجاربها Ù?ÙŠ مجال التنمية‪ .‬وبوسع اليابان تعميق تعاونها مع األطراÙ? األخرى الÙ?اعلة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ Ù?ÙŠ رابطة آسيان‬ ‫وأستراليا والصين وكوريا‪ ،‬مع الحÙ?اظ Ù?ÙŠ الوقت Ù†Ù?سه على دورها العالمي‪ ،‬وخاصة من خالل عالقتها مع الواليات المتحدة‪ .‬وستÙ?Ù… ّ‬ ‫كن Ù?رص التنمية Ù?ÙŠ Ø£Ù?ريقيا‪ ،‬وأمريكا‬ ‫الالتينية وآسيا الوسطى والشرق األوسط اليابان كذلك من "النجاح وهي تقوم بÙ?عل الخير"‪.‬‬ ‫وربما كان االتحاد األوروبي بطيئا Ù‹ Ù?ÙŠ إدراك أن األزمة االقتصادية هي أول اختبار كبير ألوروبا الجديدة التي جاءت والدتها من رحم ثورات عام ‪ ØŒ1989‬إال أن تكيÙ?ه‬ ‫كان سريعا Ù‹ نسبياً‪ ،‬وقد تخرج المؤسسات األوروبية من األزمة وهي أكثر تأييداً له‪.‬‬ ‫أما بلدان منطقة أوروبا الوسطى والشرقية Ù?قد لحقت بها أضرار بالغة من جراء هذه األزمة‪ .‬ومازال يتعين عليها قطع شوط بعيد إليجاد حلول لمشاكلها الحالية‪.‬‬ ‫وبالنسبة لدول المنطقة األعضاء Ù?ÙŠ االتحاد األوروبي على األقل‪ ،‬Ù?إن المساندة التي قدمتها المÙ?وضية األوروبية‪ ،‬والبنك األوروبي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬وبنك االستثمار‬ ‫األوروبي Ù€ Ù€ بمساعدة من مجموعة البنك الدولي Ù€ Ù€ كانت حاسمة األهمية‪ .‬ويبدو أن البنوك األوروبية التي استثمرت Ù?ÙŠ جيرانها الواقعين Ù?ÙŠ أوروبا الوسطى والشرقية‬ ‫مازالت إلى جانبهم‪ .‬واألخبار اإلستراتيجية السارة هي أن الدول األوروبية‪ ،‬رغم سائر مناقشاتها ومÙ?اوضاتها الداخلية‪ ،‬قد أدركت ترابطها واعتماد بعضها على البعض‪.‬‬ ‫وهذه المرة لم تنقسم أوروبا على Ù†Ù?سها رغم تعرضها للضغوط‪.‬‬ ‫ولعب البنك المركزي األوروبي دوراً حاسما Ù‹ تحت قيادة رئيسه جان كلود تريشيه‪ ،‬حيث سلك نهجا Ù‹ حذراً Ù?ÙŠ مساندة النظام المالي األوروبي‪ ،‬وحتى Ù?ÙŠ مساعدة البلدان‬ ‫األوروبية الواقعة خارج منطقة اليورو‪ ،‬مع العمل Ù?ÙŠ الوقت Ù†Ù?سه على ضمان مصداقية اليورو‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬Ù?قد يسعى األعضاء األحدث عهداً باالتحاد األوروبي‬ ‫الواقعين خارج منطقة اليورو للدخول تحت مظلتها‪.‬‬ ‫لكن مازال يتعين على االتحاد األوروبي أن يواجه قضايا انعدام األمن وسط ظروÙ? اقتصادية أكثر صعوبة‪ .‬Ù?احتياجاته المستمرة من الطاقة تغذي مخاوÙ?ه‪ ،‬مما ÙŠÙ?اقم من‬ ‫حدة عالقاته الصعبة مع جيرانه إلى الشرق‪ ،‬وخاصة أوكرانيا وروسيا‪ .‬ومازالت دول البلقان Ù?ÙŠ حالة احتقان ويمكن أن تؤدي قلة االهتمام بالبوسنة إلى تجدد المخاوÙ?‬ ‫بشأن قدرة االتحاد األوروبي على توÙ?ير األمن‪ ،‬حتى داخ Ù„ حدود قارته‪ .‬ومازال على االتحاد األوروبي وتركيا إيجاد رؤية مشتركة بشأن مستقبلهما المشترك‪ .‬وÙ?ي‬ ‫ضوء تزايد شيخوخة سكانها‪ ،‬سيتعين على أوروبا أيضا Ù‹ التعامل مع قضية إدماج المهاجرين‪.‬‬ ‫ولعل األزمة أعطت أيضا Ù‹ دÙ?عة لمنطقة جنوب شرق آسيا Ù€ وإن كان ذلك يتوقÙ? على كيÙ?ية اغتنام الÙ?رص المتاحة‪ .‬Ù?المنطقة تقع على Ù…Ù?ترق طرق من الناحية الجغراÙ?ية‬ ‫بين الهند والصين‪ ،‬وهما قوتان صاعدتان‪ .‬ويبدو أن رابطة آسيان أدركت أهمية تلك اللحظة‪ ،‬واتخذت إجراءات من شأنها تعميق تكاملها واندماجها حتى وهي تبني‬ ‫جسور التواصل مع اآلخرين‪.‬‬ ‫وÙ?ÙŠ ضوء الوزن ال كبير إلندونيسيا‪ ،‬والنÙ?وذ المتزايد Ù„Ù?ييتنام‪ ،‬Ù?إن مستوى أدائهما الجيد وسط االضطرابات االقتصادية الراهنة يقÙ? على طرÙ?ÙŠ النقيض مع الوضع‬ ‫السائد Ù?يهما قبل عشر سنوات‪ .‬لكن مازالت هنالك أسئلة حول عمليات التكيÙ? والتحوالت السياسية Ù?ÙŠ بلدان مثل تايلند وماليزيا‪ .‬وهنالك سؤال آخر أيضا Ù‹ حول ما إذا‬ ‫كانت البلدان األخرى تدرك النÙ?وذ المتزايد لرابطة آسيان‪ .‬يبدو أن الصين والهند يدركان ذلك جيداً Ù€ لكن هل ستÙ?عل أمريكا الشمالية واالتحاد األوروبي الشيء Ù†Ù?سه؟‬ ‫بالنسبة للبلدان األخرى‪ ،‬Ù?إن تأثير األزمة على األمد الطويل يمكن أن يتوقÙ? على أسعار السلع األولية‪ ،‬وبخاصة أسعار النÙ?ط‪ ،‬التي ÙˆÙ?رت لها عائدات كبيرة Ù?ي‬ ‫السنوات األخيرة‪ .‬Ù?عندما تكون أسعار النÙ?Ø· عند مستوى ‪ 100‬دوالر‪ ،‬تكون هذه البلدان Ù?ÙŠ وضع قوي‪ .‬لكن عندما تهبط إلى مستوى ‪ 30‬دوالراً‪ ،‬Ù?إن معظمها يواجه‬ ‫مصاعب ومشاكل بالغة‪ .‬ويشكل هذا االعتماد على النÙ?Ø· والسلع األولية أساسا Ù‹ غير مستقر ومحÙ?ÙˆÙ?ا Ù‹ بالمخاطر‪ ،‬إذ ال يمكن ألي اقتصاد أن يقوم عليه Ù?ÙŠ عالم يسعى إلى‬ ‫الحد من اعتماده على أنواع الوقود األحÙ?وري‪ ،‬وتتذبذب Ù?يه أسعار السلع األولية مع تنقل المستثمرين بين "Ù?ئات األصول" دخوالً وخروجا ً‪ .‬Ù?هل تستخدم هذه البلدان‬ ‫عائداتها بحكمة وتعقل Ù€ لتنويع وبناء تنمية اقتصادية عريضة القاعدة؟ وهذه األسئلة تتعلق بروسيا ودول منطقة الخليج العربية‪ ،‬وبعض البلدان الواقعة Ù?ÙŠ منطقتي‬ ‫أمريكا الالتينية وأÙ?ريقيا‪.‬‬ ‫كل عبر‬‫إن Ù?هم عالقات القوة المتغيرة يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لرسم مالمح المستقبل Ù€ وهو ما أدركه المندوبون Ù?ÙŠ بريتون وودز‪ .‬Ù?األساس السياسي لذلك النظام تش ّ‬ ‫تجربة مشتركة من اإلخÙ?اق Ù?ÙŠ تحمل المسؤولية بعد الحرب العالمية األولى‪ ،‬وتقييم واضح للقوى والنÙ?وذ بعد الحرب العالمية الثانية‪ .‬وستؤدي محاولة تغيير عالقات‬ ‫القوة هذه Ù€ وطبيعة األسواق التي تربط بينها Ù€ إلى جعل النظام يبدو منÙ?صالً عن الواقع‪ .‬واسمحوا لي أن أسوق هنا بضعة أمثلة‪:‬‬ ‫هل سيبقى الدوالر األمريكي يشكل العملة الرئيسية لالحتياطيات Ù?ÙŠ العالم؟‬ ‫Ù?ÙŠ عام ‪ ØŒ 1973‬تم التخلي عن نظام عمالت بريتون وودز لصالح أسعار الصرÙ? المعومة‪ ،‬وشكل الدوالر األمريكي منذ ذلك الحين العملة الرئيسية لالحتياطيات‬ ‫العالمية‪ .‬وبالنسبة لكاÙ?Ø© األسئلة المتعلقة بمدى إمكانية التعويل على الدوالر كعملة االحتياطي‪ ،‬يمكننا القول بأن قيمته أثناء هذه األزمة ازدادت نظراً ألنه أتاح مالذاً آمنا ً‬ ‫للمستثمرين‪.‬‬ ‫إن الواليات المتحدة محظو ظة بصورة ال تصدق Ù?ÙŠ ضوء تمتع الدوالر بهذه الوضعية الخاصة‪ .‬Ù?عندما أتعامل مع بلدان تواجه مصاعب لتوÙ?ير الموارد لميزانياتها أو‬ ‫لتمويل عجوزاتها التجارية‪ ،‬Ù?إنني أقول لنÙ?سي كيÙ? ال ÙŠÙ?كر األمريكيون للحظات Ù?ÙŠ المزايا الÙ?ريدة لقدرتهم على إصدار السندات وطباعة األموال دون قيد‪ .‬إن تاريخ‬ ‫حروب نابليون يخبرنا عن حمالت ومعارك كبرى‪ ،‬لكن النصر النهائي لبريطانيا وحلÙ?ائها اعتمد Ù?ÙŠ تلك المرحلة العصيبة على نجاح رئيس الوزراء ويليام بيت Ù?ي‬ ‫استعادة الوضع االئتماني لبريطانيا‪.‬‬ ‫والواليات المتحدة تخطئ إذا اعتقدت أن مكانة الدوالر كعملة مهيمنة على االحتياطيات العالمية أمر Ù…Ù?روغ منه‪ .‬واستشراÙ?ا Ù‹ للمستقبل‪ ،‬ستزداد الخيارات والبدائل‬ ‫األخرى مقابل الدوالر‪.‬‬ ‫وÙ?ÙŠ ضوء األداء األخير للبنك المركزي األوروبي‪ ،‬هنالك من األسباب ما يدعونا إلى االعتقاد بأن قابلية استخدام اليورو كعملة رئيسية يمكن أن تزداد‪ .‬وسيتوقÙ? Ù†Ù?وذ‬ ‫اليورو جزئيا Ù‹ على القدرة التناÙ?سية لبلدان االتحاد األوروبي Ù?ÙŠ السنوات المقبلة‪ ،‬وعمق وسيولة أسواقها المالية‪ .‬كما أن للتوقعات السكانية وتلك المتعلقة بالنمو أهميتها‪.‬‬ ‫وال شك أن استخدام اليورو Ù?ÙŠ توÙ?ير الموارد التمويلية سيطرح بديالً مرموقا Ù‹ إذا كان الدوالر ضعيÙ?اً‪.‬‬ ‫عالوة على ذلك‪ ،‬تمضي الصين حاليا Ù‹ نحو تدويل عملتها بصورة تدريجية‪ .‬وهي تعمل على تسهيل تعامل شركائها التجاريين باليوان Ù€ مثالً‪ ،‬من خالل عمليات مقايضة‬ ‫العمالت‪ .‬ومن المرجح أننا سنرى مثل هذا التحول Ù?ÙŠ عالم االستثمار أيضاً‪ :‬Ù?للمرة األولى‪ ،‬أصدرت الصين هذا الشهر سندات سيادية باليوان إلى مستثمرين أجانب‪.‬‬ ‫كما أعلنت مؤخراً أن بوسع الشركات األجنبية إدراج أسهمها Ù?ÙŠ الصين‪ ،‬وهي خطوة نحو جعل شنغهاي مركزاً ماليا Ù‹ عالمياً‪ .‬وباعتبارها أحد المستوردين الرئيسيين‬ ‫للسلع األولية‪ ،‬يمكن للمرء أن يتخيل إنشاء مؤشرات مرجعية جديدة تتعامل Ù?ÙŠ نهاية المطاÙ? باليوان Ù?ÙŠ شنغهاي أو أي من الموانئ الصينية األخرى‪.‬‬ ‫وسيتوخى القادة الصينيون Ù?ÙŠ ذلك الحيطة والحذر‪ .‬Ù?معظمهم يرغب Ù?ÙŠ إبقاء الضوابط التي يتيحها حساب رأس المال المقÙ?ل‪ .‬ومن المرجح أن تظل األسواق المالية‬ ‫والمصرÙ?ية خاضعة لمختلÙ? أدوات التدخل والرقابة‪ .‬بيد أنني أتوقع أن تمضي الصين حتما Ù‹ Ù?ÙŠ االنÙ?تاح على الخارج‪ .‬وخالل Ù?ترة ‪ 20-10‬سنة‪ ،‬سيتطور اليوان ليصبح‬ ‫قوة Ù?ÙŠ األسواق المالية‪.‬‬ ‫وقد تجرب البلدان واألسواق أيضا Ù‹ عمليات تمويل ّ‬ ‫مقومة بوحدات حقوق السحب الخاصة (‪ )SDRs‬ـ التي تعكس حاÙ?ظة من العمالت الرئيسية‪.‬‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬Ù?إن الدوالر كان وسيظل إحدى العمالت الرئيسية‪ .‬لكن حظوظه ستتوقÙ? بشدة على الخيارات المتاحة أمام الواليات المتحدة‪ .‬Ù?هل ستقوم الواليات‬ ‫المتحدة بتسوية مشاكل مديونيتها دون اللجوء إلى التضخم؟ وهل يمكنها ضبط اإلنÙ?اق وعجز موازنتها على األمد الطويل؟ وهل هي بصدد استعادة قدرات القطاع المالي‬ ‫الموÙ?ر الصحة من حيث االبتكار ّ‬ ‫وتوÙ?ر السيولة وتحقيق العائدات‪ ،‬دون أن تنتج عن ذلك المخاطر ذاتها المتعلقة بالÙ?قاعات الكبيرة وانهيار المؤسسات؟ كما أن قيمة‬ ‫الدوالر ستعتمد على المدى الذي يمكن عنده أن نرى عودة القتصاد ديناميكي وخالق للقطاع الخاص‪.‬‬ ‫وتÙ?ثار حاليا Ù‹ أسئلة كثيرة داخل البلدان كذلك حول عالقات القوة والنÙ?وذ‪ ،‬Ù?البنوك المركزية قامت بدور هائل Ù?ÙŠ هذه األزمة‪.‬‬ ‫Ù?هل ستسمح الحكومات الديمقراطية للبنوك المركزية المستقلة أن تتولى مزيداً من الصالحيات؟‬ ‫لقد ألجمت الدهشة الكونغرس األمريكي لدى معرÙ?ته بنطاق الصالحيات التي تخول مجلس االحتياطي الÙ?درالي‪ :‬إصدار النقد‪ ،‬وشراء األصول‪ ،‬واستنباط تسهيالت‬ ‫المقايضة العالمية‪ ،‬والقيام بتعامالت خارج نطاق اإلجراءات المعتادة إلنÙ?اق األموال العامة‪.‬‬ ‫ولطالما كانت عالقة الكونغرس األمريكي بالبنو Ùƒ والمصرÙ?يين يسودها شعور بعدم االرتياح منذ ألكسندر هاميلتون‪ .‬إذ لم تتمكن حكومة الواليات المتحدة من إنشاء بنك‬ ‫مركزي حتى عام ‪ . 1913‬وحصل مجلس االحتياطي الÙ?درالي على استقالليته بصعوبة بالغة على مر سنين من الجهود‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬ليس مستغربا Ù‹ أن تتردد الديمقراطية األمريكية Ù?ÙŠ منح مجلس االحتياطي الÙ?درالي صالحيات لإلشراÙ? على المخاطر التي تتهدد الجهاز المصرÙ?ي‪ ،‬Ù?ضالً عن‬ ‫إدارة السياسة النقدية‪ ،‬Ù?وق ما يتمتع به أصالً من صالحيات‪.‬‬ ‫وÙ?ÙŠ المملكة المتحدة‪ ،‬يدور نقاش حول األدوار التي يضطلع بها بنك انجلترا وهيئة الخدمات المالية‪ .‬كما تواجه بلدان منطقة اليورو اإلشكالية Ù†Ù?سها‪ ،‬يÙ?ضاÙ? إليها‬ ‫التعقيدات المتعلقة بتعدد أجهزة الرقابة الوطنية‪ .‬ويشكل ذلك أيضا Ù‹ موضوعا Ù‹ قيد الدراسة بالنسبة للبلدان النامية الصاعدة التي لديها مؤسسات مصرÙ?ية وأسواق مالية‬ ‫تزداد تطوراً‪.‬‬ ‫لقد كان أداء البنوك المركزية مثيراً Ù„ إلعجاب عندما اندلعت األزمة بكامل قوتها‪ .‬لكن ثمة أسئلة وجيهة حول كيÙ?ية تعاملها مع تراكم األسباب التي Ø£Ù?ضت إلى األزمة‪،‬‬ ‫شاملة‪ :‬تضخم أسعار األصول‪ ،‬وإخÙ?اقها الذريع Ù?ÙŠ االضطالع بدورها الرقابي‪ .‬لكن علينا أن نرى ما إذا كان بوسع البنوك المركزية التعامل مع التعاÙ?ÙŠ االقتصادي‬ ‫دون أن يخرج التضخم عن نطاق السيطرة‪.‬‬ ‫يطرح ستانلي Ù?يشر‪ ،‬محاÙ?ظ البنك المركزي اإلسرائيلي والنائب السابق للمدير العام لصندوق النقد الدولي‪ ،‬حججا Ù‹ مؤيدة للجمع بين أدوات الرقابة على السياسات النقدية‬ ‫والمعايير التحوطية Ù?ÙŠ البنك المركزي‪ ،‬وذلك على أساس الÙ?عالية التنظيمية‪ .‬ويرى آخرون أن إحدى هاتين الوظيÙ?تين لن تحظى حتما Ù‹ باالهتمام الكاÙ?ÙŠ Ù?ÙŠ حال الجمع‬ ‫بينهما أو أن من شأن تولي هيئة واحدة مسؤولية الوظيÙ?تين أن يزيد من خطر وقوع أخطاء دون أن يكون هناك رأي آخر للمراجعة‪ .‬ويذهب البعض إلى القول بوجود‬ ‫تضارب Ù?ÙŠ المصالح بين الوظيÙ?تين‪.‬‬ ‫ويجسد هذا النقاش الدائر مختلÙ? التقاليد والمواقÙ? السياسية تجاه البنوك والبنوك المركزية‪ .‬Ù?Ù?ÙŠ الواليات المتحدة‪ ،‬سيكون من الصعب منح المزيد من الصالحيات إلى‬ ‫واضعي السياسات التكنوقراط المتمتعين باالستقاللية والقوة Ù?ÙŠ مجلس االحتياطي الÙ?درالي‪ .‬وقراءتي إلدارة األزمة األخيرة هي أن وزارة الخزانة احتاجت إلى‬ ‫صالحيات أكثر كي تجمع معا Ù‹ مجموعة من الهيئات التنظيمية المختلÙ?ة‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬Ù?إن وزارة الخزانة هي وزارة تنÙ?يذية‪ ،‬وعليه يمكن للكونغرس والجمهور‬ ‫اإلشراÙ? بدرجة أكبر على كيÙ?ية استخدامها ألية صالحيات إضاÙ?ية‪.‬‬ ‫ونظام التبادل التجاري العالمي الحالي هو أحد ما تركه لنا مخططو بريتون وودز‪.‬‬ ‫Ù?هل يواكب هذا النظام متطلبات االقتصاد العالمي؟‬ ‫إن اإلجابة هي "ال" دون منازع‪.‬‬ ‫وإذا نظرنا إلى الجانب اإليجابي‪ ،‬Ù?إن التجارب الكارثية للنزعات االنعزالية االقتصادية Ù?ÙŠ الثالثينيات مثلت تحذيراً واضحا Ù‹ للحكومة من خطر تكرار الوقوع Ù?ÙŠ هذا‬ ‫الخطأ‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬مازالت اإلجراءات الحمائية التجارية ضعيÙ?Ø© للغاية‪ ،‬لكنها آخذة Ù?ÙŠ االرتÙ?اع‪.‬‬ ‫وتعبر "نظرية الدراجة الهوائية" عن االقتصاد السياسي للتجارة‪ .‬Ù?Ù?ÙŠ ضوء التأثيرات المحلية للمنتجين ذوي النزعات الحمائية Ù?ÙŠ معظم البلدان‪ ،‬Ù?إن الوسيلة الوحيدة‬ ‫لمقابلة قوة جاذبيتها تتمثل Ù?ÙŠ المضي قدما Ù‹ Ù?ÙŠ تحرير أجندة التجارة‪ .‬ويمكن للمكاسب المحتملة Ù„Ù?تح األسواق حينئذ أن تساعد على حشد المصالح التي ستقÙ? ضد‬ ‫األصوات الصاخبة المنادية بإقامة الحواجز‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬Ù?إن "بدالت" جولة الدوحة Ù?ÙŠ إطار منظمة التجارة العالمية ال تقوى على دÙ?ع المÙ?اوضات إلى األمام‪ .‬أضÙ? إلى ذلك أن جولة الدوحة‪ ،‬التي تم وضع أجندتها‬ ‫قبل عشر سنوات تقريباً‪ ،‬تتخلÙ? بسرعة Ù?ÙŠ مواجهة التحديات الجديدة‪ .‬علينا إنجاز جولة الدوحة دون إبطاء Ù€ Ù€ وحتى يمكننا بعدها التطلع إلى األمام‪.‬‬ ‫ويمكن لجولة الدوحة أن تقوم بتخÙ?يض وتنظيم وحتى إلغاء بعض اإلعانات المقدمة للمنتجات الزراعية التي بقيت لسنوات طويلة خارج نظام التبادل التجاري القائم على‬ ‫القواعد‪ .‬ويمكن أن تÙ?تح األسواق تدريجيا Ù‹ أمام السلع المصنعة والزراعية Ù?ÙŠ البلدان المتقدمة والبلدان النامية الرئيسية‪ .‬ويمكنها "تثبيت" الحواجز Ù?ÙŠ البلدان النامية‬ ‫الرئيسية عند مستويات أدنى بكثير‪ ،‬مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالمساهمات المتبادلة ويحد من مخاطر القÙ?زات الكبيرة Ù?ÙŠ التعريÙ?ات الجمركية‪ .‬كما يمكن لجولة‬ ‫الدوحة أن تÙ?تح أسواق الخدمات‪ ،‬وتخÙ?ض الحدود القصوى للتعريÙ?ات Ù?ÙŠ البلدان المتقدمة التي تقيد الصناعات األساسية وإنتاج القيمة المضاÙ?Ø© Ù?ÙŠ البلدان األÙ?قر‪.‬‬ ‫ويمكنها كذلك تصحيح القواعد التي يجري تطويعها للحد من حرية التجارة‪ .‬ويشكل ذلك مكاسب حقيقية‪ ،‬ومن شأنه أن يبرهن على قدرة البلدان المتقدمة والبلدان‬ ‫الصاعدة الرئيسية على التوصل إلى تسوية لتحقيق مصلحة متبادلة وعامة‪.‬‬ ‫كن البلدان من جني‬‫وبمجرد إنجاز جولة الدوحة‪ ،‬سيتعين علينا االنتقال بسرعة إلى أجندة جديدة‪ .‬Ù?التكامل اإلقليمي ÙŠÙ?عتبر جزءاً من العولمة‪ ،‬لكننا Ù?ÙŠ حاجة إلى قواعد تÙ?Ù… ّ‬ ‫مناÙ?ع زيادة عمق وشمولية إجراءات الت حرير االقتصادي مع اآلخرين مع تشجيع اعتماد "نزعة إقليمية منÙ?تحة" Ù?ÙŠ الوقت Ù†Ù?سه‪ .‬وترغب منظمة التجارة العالمية Ù?ي‬ ‫مساندة أجندة مكاÙ?حة تغيّر المناخ دون أن تلجأ إلى Ù?رض تعريÙ?ات جديدة على انبعاثات غازات الكربون‪ .‬وعلينا مواجهة اإلجراءات الحمائية المالية وذات الصلة‬ ‫بالمعونات التي نشأت نتيجة لألزمة الحالية‪ .‬وعلينا كذلك Ø®Ù?ض الحواجز التي تعوق التجارة Ù?يما بين بلدان الجنوب‪ .‬ومن الضروري توسيع التجارة Ù?ÙŠ مجال الخدمات‬ ‫لتضاهي الÙ?رص المتاحة أمام التنمية والنمو‪ .‬ويجب تقديم المزيد من المساعدات إلى البلدان األكثر Ù?قراً التي لم تستطع اغتنام Ù?رص تحقيق النمو من التجارة‪.‬‬ ‫ومن الضروري أن تبني األجندة الجديدة على الجهود المبكرة التي قام بها المدير العام لمنظمة التجارة العالمية‪ ،‬باسكال المي‪ ،‬بمساندة من مجموعة البنك الدولي‪ ،‬للربط‬ ‫بين إجراءات تسهيل التجارة بالمعونات المقدمة من أجل التجا رة‪ .‬ولالستÙ?ادة من Ø®Ù?ض الحواجز أمام التجارة‪ ،‬ستحتاج البلدان األÙ?قر إلى‪ :‬التكامل اإلقليمي لبناء أسواق‬ ‫أكبر وإتاحة Ù?رص للبلدان غير الساحلية للنÙ?اذ إلى األسواق؛ والطاقة؛ وهياكل البنية األساسية؛ وأنظمة الخدمات اللوجستية؛ وتيسير القدرة على الحصول على تمويل‬ ‫التجا رة؛ والمساعدة Ù?ÙŠ وضع المعايير؛ وتبسيط اإلجراءات الجمركية واإلجراءات المعمول بها عند المناÙ?Ø° الحدودية‪ .‬Ù?إجراءات التخليص الجمركي للشاحنات على‬ ‫الحدود بين كينيا وأوغندا كانت تستغرق يومين Ù?ÙŠ السابق‪ ،‬واليوم‪ ،‬أدى اÙ?تتاح منÙ?Ø° حدودي يعمل بنظام الشباك الواحد Ù€ ساعد البنك الدولي على إنشائه Ù€ إلى Ø®Ù?ض‬ ‫الوقت الالزم الستيÙ?اء اإلجراءات إلى ساعتين أو أقل‪.‬‬ ‫كزة Ù?ÙŠ عدد صغير من الدول‪ .‬وكانت الحياة Ù?ÙŠ ذلك الحين قد دبت لتوها Ù?ÙŠ موجات التحرر‬ ‫جاء إنشاء نظام بريتون وودز على يد ‪ 44‬بلداً Ù?ÙŠ وقت كانت القوة مر ّ‬ ‫العارمة من االستعمار؛ لكن كان ÙŠÙ?نظر إلى البلدان النامية القليلة على أنها خارج سياق التاريخ وليس لها دور Ù?اعل Ù?يه‪ .‬لقد ولى زمن هذا العالم‪ .‬وواقع االقتصاد‬ ‫السياسي الجديد يقتضي نظاما Ù‹ مختلÙ?اً‪.‬‬ ‫Ù?ما هو الدور الذي ستضطلع به البلدان النامية بعد انتهاء األزمة الراهنة؟‬ ‫أكدت هذه األزمة على األهمية المتنامية ليس Ù?قط بالنسبة لبلدان االقتصادات الصاعدة الكبيرة‪ ،‬وخاصة الصين والهند‪ ،‬ولكن أيضا Ù‹ بالنسبة للبلدان األخرى‪ .‬وواقع الحال‬ ‫أن االقتصاد العالمي يمر حاليا Ù‹ بمرحلة "إعادة توازن" نحو الحصص النسبية القائمة قبل مائتي عام‪ ،‬قبل الثورة الصناعية‪ ،‬باإلضاÙ?Ø© إلى ظهور أمريكا شمالية جديدة‪.‬‬ ‫يجب أن تلعب البلدان النامية الصاعدة دوراً أساسيا Ù‹ Ù?ÙŠ االنتعاش االقتصادي‪ .‬وتشير معظم التوقعات إلى Ù?تور الطلب Ù?ÙŠ ظل تراجع حماس المستهلك األمريكي‪ .‬ويمكن‬ ‫للكثير من البلدان النامية أن توسع الطلب إذا أمكنها الحصول على التمويل‪ .‬و لدى هذه البلدان حيز Ù?ÙŠ ماليتها العامة لالقتراض‪ ،‬ولكنها ال تستطيع الحصول على الموارد‬ ‫التمويلية التي تحتاج إليها بأسعار معقولة دون مزاحمة قطاعها الخاص‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬Ù?إن البلدان المتوسطة الدخل تضم ما نسبته ‪ 70‬Ù?ÙŠ المائة من الÙ?قراء المدقعين‬ ‫Ù?ÙŠ العالم‪ .‬وال شك أن بوسع مجموعة البنك الدولي وبنوك التنمية اإلقليمية مد يد العون لهذه البلدان‪.‬‬ ‫وعند استشراÙ? المستقبل‪ ،‬يمكن أن يستÙ?يد نموذج نمو أكثر اتزانا Ù‹ واشتماالً للعالم من تعدد أقطاب النمو‪ .‬Ù?مع تواÙ?ر االستثمارات Ù?ÙŠ البنية األساسية والناس ومؤسسات‬ ‫األعمال الخاصة‪ ،‬يمكن للبلدان Ù?ÙŠ مناطق أمريكا الالتينية وآسيا والشرق األوسط األوسع نطاقا Ù‹ المساهمة Ù?ÙŠ بلورة "معيار جديد" من أجل االقتصاد العالمي‪.‬‬ ‫ومع مرور الوقت‪ ،‬يمكن ألÙ?ريقيا أيضا Ù‹ أن تصبح أحد أقطاب النمو Ù?ÙŠ العالم‪ .‬Ù?الرسائل التي أسمعها Ù?ÙŠ معظم البلدان األÙ?ريقية هي ذاتها‪ :‬أن الدول األÙ?ريقية Ù?ÙŠ حاجة‬ ‫إلى موارد الطاقة‪ ،‬والبنية األساسية‪ ،‬وزيادة اإلنتاجية الزراعية‪ ،‬وقطاع خاص حيوي‪ ،‬وربط األسواق المتكاملة إقليميا Ù‹ مع منظومة التجارة المنÙ?تحة‪ .‬ولعلها هي ذات‬ ‫الرسالة التي تردد صداها Ù?ÙŠ أوروبا المدمرة قبل ‪ 60‬عاماً‪.‬‬ ‫Ù?قبل اندالع هذه األزمة‪ ،‬ب لغت معدالت النمو Ù?ÙŠ عدد من البلدان األÙ?ريقية مستويات مثيرة لإلعجاب بصورة متسقة‪ .‬وقد تتاح Ù?رصة جديدة عند الخروج من براثن هذه‬ ‫األزمة‪ .‬Ù?بعض الشركات الصينية Ù?ÙŠ مجال الصناعات التحويلية تدرس حالياً‪ ،‬بدعم من الحكومة الصينية‪ ،‬إمكانية نقل عمليات اإلنتاج األساسية الخاصة بها إلى Ø£Ù?ريقيا‪.‬‬ ‫وتعمل مجموعة البنك الدولي مع الصين على استكشاÙ? Ø¢Ù?اق تنمية مناطق صناعية جديدة يمكنها توÙ?ير البنية األساسية وموارد الطاقة والتدريب التي تلبي احتياجات تلك‬ ‫المشاريع‪.‬‬ ‫ومن المرجح أن تسهم أطراÙ? أخرى Ù?ÙŠ تكملة اآلÙ?اق التي تنشدها الصين Ù?ÙŠ Ø£Ù?ريقيا Ù€ والتي تشمل تنمية الموارد ومراÙ?Ù‚ البنية األساسية‪ .‬Ù?البرازيل مثالً مهتمة بتبادل‬ ‫خبراتها Ù?ÙŠ مجال التنمية الزراعية‪ .‬وتقوم الهند حاليا Ù‹ ببناء خطوط سكك حديدية‪ .‬وهذا بداية Ù?قط التجاه مرشح للنمو‪.‬‬ ‫ويمكن لمجموعة البنك الدولي أن تتيح ثقالً موازنا Ù‹ لإلجراءات الحم ائية المالية والتجارية من خالل مساندتها لهذه التنمية على الصعيد العالمي‪ :‬Ù?قد أطلقنا‪ ،‬من خالل‬ ‫مؤسسة التمويل الدولية (‪ ØŒ) IFC‬وهي ذراع مجموعة البنك الدولي المعني بالتعامل مع القطاع الخاص‪ ،‬شركة جديدة إلدارة األصول لالستثمار Ù?ÙŠ البنوك وأسهم رأس‬ ‫مقومة بالعمالت المحلية واالستثمار Ù?يها‪ .‬ويدرك المستثمرون األطول أمدا Ù‹ ـ‬ ‫المال والبنية األساسية وإعادة هيكلة الديون‪ .‬وقمنا بجهد مواز لمساندة تنمية أسواق سندات ّ‬ ‫كالصناديق السيادية وصناديق المعاشات التقاعدية Ù€ اآلن أن األسواق المتطورة تنطوي كذلك على مخاطر‪ ،‬وأن األسواق النامية يمكن أن تتيح Ø¢Ù?اقا Ù‹ جيدة للنمو‪.‬‬ ‫الخاتمة‬ ‫عند الخروج من هذه األزمة‪ ،‬ستسنح لنا Ù?رصة إلعادة تشكيل سياساتنا وبنيتنا ومؤسساتنا‪ .‬وأمامنا Ù?رصة لصياغة نظام عالمي جديد للقرن الحادي والعشرين يقوم على‬ ‫"عولمة تتسم بالمسؤولية" Ù€ عولمة تشجع النمو العالمي المتوازن واالستقرار المالي‪ ،‬وتتبنى الجهود العالمية لمكاÙ?حة تغير المناخ‪ ،‬وتوسع الÙ?رص المتاحة أمام البلدان‬ ‫األكثر Ù?قرا Ù‹ Ù?ÙŠ العالم‪ .‬عولمة تهدÙ? إلى توسيع نطاق المناÙ?ع المتأتية من األسواق والتجارة المنÙ?تحة‪ ،‬واالستثمارات‪ ،‬والمناÙ?سة‪ ،‬واالبتكار‪ ،‬وروح العمل الحر وتنظيم‬ ‫المشروعات‪ ،‬والنمو‪ ،‬والمعلومات Ù€ والدخول Ù?ÙŠ حوار بشأ Ù† األÙ?كار‪ .‬ويجب أن تكون عولمة تتسم باالشتمال واالستدامة Ù€ بحيث تؤدي إلى توسيع الÙ?رص المتاحة مع‬ ‫العناية بالبيئة‪.‬‬ ‫لكن ذلك لن يحدث من تلقاء Ù†Ù?سه‪.‬‬ ‫Ù?ÙŠ مؤتمر قمة مجموعة العشرين (‪ )G-20‬الذي عÙ?قد Ù?ÙŠ لندن Ù?ÙŠ أبريل‪/‬نيسان‪ ،‬كان القادة أمام كارثة اقتصادية بكاÙ?Ø© المقاييس‪ .‬أما اليوم‪ ،‬Ù?إن مكمن الخطر لم يعد‬ ‫يتمثل Ù?ÙŠ التراجع الحاد Ù?ÙŠ النشاط االقتصادي Ù€ ولكن Ù?ÙŠ شعور البلدان بعودة األمور إلى سابق عهدها والركون إلى ما تم إنجازه‪ .‬ومع انحسار األزمة‪ ،‬سيصعب‬ ‫الضغط على البلدان للتعاون Ù?ÙŠ "إعادة البناء على نحو Ø£Ù?ضل"‪ .‬ومما ال شك Ù?يه أن استعراض األقران لإلطار الجديد الخاص بتحقيق نمو قوي وقابل لالستمرار‬ ‫مستوى جديداً من التعاون والتنسيق الدوليين‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ومتوازن الذي تم االتÙ?اق عليه أثناء مؤتمر قمة مجموعة العشرين Ù?ÙŠ األسبوع الماضي يشكل بداية طيبة‪ ،‬لكنه سيتطلب‬ ‫بما Ù?ÙŠ ذلك وجود رغبة جديدة ألخذ نتائج الرصد العالمي على مأخذ الجد‪ .‬وستتطلب آلية استعراض األقران ضغطا Ù‹ من األقران‪.‬‬ ‫ويشكل تغير المناخ اختباراً مبكرا Ù‹ Ù?ÙŠ هذا الصدد‪ .‬وستتمثل إحدى المهام األساسية Ù?ÙŠ كوبنهاغن Ù?ÙŠ ديسمبر‪/‬كانون األول Ù?ÙŠ خلق حواÙ?ز من أجل البلدان النامية‬ ‫للمشاركة Ù?ÙŠ النمو المنخÙ?ض الك ربون‪ .‬وسيتعين على متخذي القرار بلورة عملية مستمرة من شأنها Ø®Ù?ض انبعاثات غازات الدÙ?يئة مع العمل Ù?ÙŠ الوقت Ù†Ù?سه على‬ ‫تشجيع التغيرات التكنولوجية‪ ،‬والتكيÙ? مع تغير المناخ‪ ،‬والنمو‪.‬‬ ‫إننا Ù?ÙŠ حاجة إلى نظام اقتصاد سياسي دولي يعكس تعددية أقطاب النمو الجديدة‪ .‬ويتطلب ذلك إدماج القوى االقتصادية الصاعدة باعتبارها "أصحاب مصلحة يتسمون‬ ‫بالمسؤولية" مع اإلقرار بأن هذه البلدان مازالت موطنا Ù‹ لمئات الماليين من الÙ?قراء‪ ،‬وأنها تواجه تحديات إنمائية هائلة‪ .‬ويتعين تعبئة الطاقات والمساندة من البلدان‬ ‫المتقدمة التي تشعر شعوبها بأعباء الدي ون المرهقة‪ ،‬والقلق من المناÙ?سة‪ ،‬وبضرورة أن تشارك القوى الجديدة Ù?ÙŠ تحمل هذه المسؤوليات‪ .‬كما يجب مد يد المساعدة إلى‬ ‫البلدان األكثر Ù?قراً واألضعÙ?‪ ،‬والسكان البالغ عددهم ‪ 1.6‬مليار شخص الذين مازالوا يعيشون بدون كهرباء‪ ،‬و"مليار القاع" الواقع Ù?ÙŠ براثن الÙ?قر المدقع بسبب‬ ‫الصراعات وأنظمة الحكم المتهاوية‪.‬‬ ‫التمويل والعمالت العالمية‪ .‬نظام التبادل التجاري‪ .‬التنمية االشتمالية والمستدامة‪ .‬تغير المناخ‪ .‬الدول التي تواجه مصاعب بسبب حاالت الضعÙ? والصراعات‪ .‬وطائÙ?ة‬ ‫من القضايا األمنية األخرى‪ .‬تحظى كل قضية منها بأهمية Ù?ÙŠ حد ذاتها‪ ،‬إال أن كالً منها مرتبط بالقضايا األخرى‪.‬‬ ‫وما لم تتعاون بلدان العالم Ù?يما بينها‪ ،‬Ù?إنها لن تتعامل أبداً بÙ?عالية مع هذه األجندة‪ .‬إذ أن نظام تعدد األطراÙ? االقتصادي الذي تم إنشاؤه Ù?ÙŠ عصر مختلÙ? ال يعكس‬ ‫الواقع كما هو اليوم‪ ،‬ويجب علينا أن نقوم بتحديث نظام تعدد األطراÙ? واألسواق‪.‬‬ ‫ووÙ?قا Ù‹ لما تم االتÙ?اق عليه Ù?ÙŠ بيتسبرغ Ù?ÙŠ األسبوع الماضي‪ ،‬ستصبح مجموعة العشرين المنتدى الرئيسي للتعاون االقتصادي الدولي Ù?يما بين البلدان الصناعية المتقدمة‬ ‫والقوى الصاعدة‪ .‬لكن ال يمكنها أن تكون لجنة قائمة بذاتها‪ .‬ومن غير الممكن كذلك تجاهل أصوات أكثر من ‪ 160‬بلداً خارجها‪.‬‬ ‫ويجب أن تعمل مجموعة العشرين "كمجموعة توجيهية" عبر شبكة من البلدان والمؤسسات الدولية‪ .‬وبوسعها أن تدرك الترابط والتشابك Ù?يما بين القضايا‪ ،‬وأن تعزز‬ ‫النقاط ذات االهتمام المشترك‪ .‬وال يمكن لهذا النظام أن يكون ذا طبيعة هرمية‪ ،‬وينبغي أال يكون بيروقراطياً‪ .‬وإذا Ø£Ù?عطيت الدعم الالزم‪ ،‬سيكون باإلمكان متابعة هذه‬ ‫الموضوعات من خالل Ù?رق تÙ?اوض أخرى‪ ،‬أو األنظمة الدولية‪ ،‬أو المؤسسات العالمية واإلقليمية‪ .‬ويمكن لصندوق النقد الدولي‪ ،‬ومجموعة البنك الدولي‪ ،‬ومنظمة‬ ‫التجارة العالمية‪ ،‬ومجلس االستقرار المالي‪ ،‬والهيئات التابعة لألمم المتحدة أن تنبه البلدان بشأن هذه القضايا‪ ،‬وأن تتيح دراسات تحليلية‪ ،‬وتبني حلوالً تعاونية‪ ،‬وتساعد‬ ‫على تنÙ?يذ السياسات‪.‬‬ ‫ولضمان Ù?عاليتها وتعزيز شرعيتها‪ ،‬يجب أن تتطور المؤسسات الدولية أيضاً‪ .‬Ù?حصصها التصويتية يجب أن تعكس األوزان والمسؤوليات الجديدة للقوى الصاعدة‪ ،‬مع‬ ‫ضمان إيصال أصوات الÙ?قراء‪ .‬ويتعين أن تتسم بالشÙ?اÙ?ية والمرونة حتى يمكنها العمل ضمن شبكات مؤسسات األعمال الخاصة ومؤسسات العمل الخيري والمجتمعات‬ ‫المدنية‪ ،‬ناهيك عن العمل مع بعضها البعض‪.‬‬ ‫لقد واجه النظام االقتصادي الدولي القديم مصاعب Ù? ÙŠ مواكبة التغير قبل اندالع األزمة الراهنة‪ .‬وكشÙ?ت لنا االضطرابات التي نشهدها اليوم وجود Ù?جوات صارخة‬ ‫واحتياجات ملحة‪ .‬لقد حان الوقت للحاق بالركب والمضي قدما Ù‹ إلى األمام‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح Ù†Ù?سه بإلحاح هو ما إذا كان بوسع القادة التعاون Ù?ÙŠ توجيه دÙ?Ø© هذه التغيرا ت‪ .‬ال شك أنهم سيهتمون بمصالح جماهير بلدانهم التي يمثلونها‪ ،‬وال‬ ‫غضاضة Ù?ÙŠ ذلك‪ .‬لكنهم سيواجهون أيضا Ù‹ تحدي اإلقرار بالمصالح المشتركة وبنائها‪ ،‬ولن يكون ذلك على أساس كل حالة على حدة Ù?حسب‪ ،‬ولكن أيضا Ù‹ من خالل‬ ‫مؤسسات تعكس "عولمة تتسم بالمسؤولية"‪.‬‬ ‫ونشهد حاليا Ù‹ أمام أعيننا عملية إصالح مؤسسات بريتون وودز‪ .‬وهذه المرة‪ ،‬Ù?إن األمر سيستغرق أكثر من األسابيع الثالثة التي قضاها المندوبون Ù?ÙŠ Ù…Ù?اوضات‬ ‫نيوهامبشير‪ .‬وستشهد عملية اإلصالح تواجد عدد أكبر من المشاركين‪ .‬وهي على Ù†Ù?س القدر من األهمية‪ .‬Ù?االضطرابات المقبلة‪ ،‬أيا Ù‹ كانت‪ ،‬تتشكل Ù?ÙŠ الوقت الراهن‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬Ù?إما أن نحدد نحن شكلها‪ ،‬أو أن تحدد هي شكلنا‪.‬‬